دبي: تاج الدين عبد الحق
قدر خبير في العطور الشرقية حجم سوق العطور في منطقة الشرق الاوسط بحوالي 5 مليارات دولار أي ما يزيد عن عشرة اضعاف ما كانت عليه قبل 50 عاماً. وقال نظير أجمل مدير التسويق في شركة عطور «أجمل» التي تملك فروعاً لها في جميع دول مجلس التعاون لـ«الشرق الأوسط» ان دول الخليج تعتبر اكبر سوق للعطور الشرقية في الشرق الاوسط بحكم ارتفاع القوة الشرائية وارتباط العطور بتراث المنطقة وعاداتها. وذكر ان حصة العطور في ميزانية الاسر الخليجية تشكل ما نسبته 30 في المائة من مخصصات السلع الاستهلاكية الكمالية.
وذكر أجمل ان سوق العطور الخليجية كانت الى عهد قريب سوقاً موسمية لكن التغيير الذي طرأ على انماط الحياة الاستهلاكية في السنوات الاخيرة جعل هذه السوق نشطة في معظم ايام السنة.
وأشار في هذا الصدد الى ان برامج الترويج السياحي خلال فصل الصيف ابقت على القوة الشرائية الرئيسية في السوق الخليجية خلال فصل الصيف.
وأوضح انه بعد انتهاء إجازة الصيف التي اصبحت بسبب العروض الترفيهية مواسم بيع نشطة، يأتي شهرا رمضان وشعبان وهما شهران يشهد فيهما بيع العطور الشرقية نشاطاً لافتاً، ثم يأتي بعد ذلك موسم الاعراس الذي يمتد من شهر يناير (كانون الثاني) وحتى نهاية ابريل (نيسان).
وذكر أجمل، وهو احد خبراء العطور الشرقية في المنطقة وتعتمده مؤسسة المواصفات القياسية السعودية لتحديد مستوى الجودة، إن صناعة العطور تتطور بفعل التقنيات الحديثة التي بدأت تستخدمها وبفعل الموضة ايضاً، حيث يتم ادخال تعديلات على هذه العطور حسب موديلات الملابس والاكسسوارات، ودلل على ذلك بادخال روائح الفواكه على العطور عندما اصبحت الفاكهة من الرسومات والاكسسوارات التي تظـهر على الملابس.
وأوضح أجمل ان المناخ يشكل عاملاً مهماً في تحديد نوعية العطور، حيث لا تحتاج المناطق الباردة الى عطور قوية كتلك التي تحتاجها المناطق الحارة حيث التبخر اسرع من تبخر العطور في المناطق الباردة.
وقال نظير أجمل إن من المتوقع ان تشهد انماط استهلاك العطور في الشرق الاوسط تغييراً جذرياً خلال السنتين القادمتين، حيث يتجه المستهلكون الى اتباع الطرق القديمة لاستهلاكها، وبما ان استهلاك منطقة الشرق الاوسط من العطور يزيد عن 5 اضعاف الاستهلاك العالمي، فإنه من المتوقع ان يكون لهذا التغير في انماط الاستهلاك العالمي اثر كبير في قطاع صناعة العطور العالمية.
وقال أجمل انه على الرغم من ان عادات استهلاك العطور قد تغيرت باطراد خلال العقود الثمانية الماضية، فان المستهلكين لم يغيروا من عادات استهلاك العطور التي ورثوها عن اجدادهم، فحتى الثلاثينات من هذا القرن، كانت قضية صناعة العطور واستهلاكها في الشرق الاوسط شأنا من الشؤون المحلية، وتتبع العادات الموروثة عن الاجداد، وذلك باستعمال زيوت العطور المستخرجة من انواع متعددة من الازهار والاخشاب العطرية.
وأضاف أن اكتشاف النفط في حقبة الثلاثينات من القرن الماضي زاد اهتمام الغرب بهذه المنطقة الحيوية من العالم، مما عزز مستوى التبادل التجاري بين الدول الاوروبية والعربية، وكان من ضمن البضائع التي ارسلها الغرب للعرب، العطور الغربية المستحضرة من المواد الكيميائية والصناعية غير الطبيعية، وكانت هذه العطور تباع في هيئتها المركزة حتى حقبة السبعينات، الى ان بدأت شركات تصنيع العطور بتقديم عطورها بأشكال وعبوات مختلفة، من ضمنها تقديم العطور على هيئة عبوات مزودة ببخاخ، اثبت نجاحه وقبوله من كافة الاوساط.
وأضاف انه يتوقع ان يتغير نمط تسويق العطور تغيراً جذرياً في السنتين القادمتين، حيث سينخفض الطلب على العطور ذات القاعدة المائية التي تحتوي على نسبة عالية من مادة الالدهايد الكيميائية، في حين سيزداد الطلب على العطور المستمدة من الزيوت الطبيعية، وتوقع زيادة الطلب على العطور الدهنية المركزة، بكلا نوعيها الطبيعي والصناعي.
وفي معرض حديثه عن طباع العرب في استعمال المستحضرات العطرية، قال اجمل ان العرب يعتبرون من اكثر الاقوام استهلاكاً للعطور ومستحضراتها، حيث يستهلكون خمسة اضعاف كميات العطور المستعملة من قبل نظرائهم الغربيين.
وذكر ان العرب هم اول من استعمل العطور، وجعلوا لها دلالات وقرنوها بالمعتقدات الدينية التي تدعو الى النظافة التامة وتطهير الجسد والروح واعتماد الرائحة الطيبة كضرورة مهمة في الحياة، وأشار في هذا الصدد الى ان قدماء البابليين والسومريين والفراعنة من اوائل المستهلكين للعطور في الازمان الغابرة، وكانوا قد استعملوها في شتى مناحي الحياة، من ضمنها استعمالها في مراسم الدفن.
وحول تقبل الغربيين للعطور الشرقية قال اجمل ان الاقبال على العطور الشرقية مثل «دهن العود» يشهد اقبالاً متزايداً من قبل الاوروبيين والاميركيين، وقد ادى هذا الاهتمام بالعطور الشرقية الى اهتمام عالمي بأسرار صناعتها.
وذكر أن اسواق العطور الاوروبية تشهد تحولاً واضحاً من العطور المصنعة كيميائياً الى اعادة انتاج العطور التي تعتمد على المكونات الطبيعية في تحضيرها، وصولاً الى انتاج عطور مصنعة كلياً من المكونات الطبيعية.
وقال أجمل: ان معظم الامور التي تمت بصلة الى حياتنا اليومية، لها علاقة وثيقة بصناعة العطور، حيث ان صناعة العطور العالمية ليست محددة ببيع العطور حصراً، ولكنها تضم الصناعات ذات الصلة بالمنتجات العطرية مثل صناعة مستحضرات العناية الشخصية والمواد المطهرة.
وحول مراعاة الشروط الصحية التي يجب توافرها في العطور قال أجمل ان المعيار الاول هو عدم المبالغة في استخدام العطور لتأثيرها على حاسة الشم وعلى حساسية الجلد. وذكر ان طرح اي عطر جديد يتم عبر مراحل عديدة تشمل القيام باختبارات في قسم الابحاث والتطوير حيث تجري عليه العديد من التجارب والاختبارات للخروج بأفضل مكونات الخلطة العطرية الجديدة، ثم يتم بعد ذلك اختبار العطر الجديد بواسطة مجموعة من العملاء النموذجيين يمثلون الفئة التي تسعى الشركة لاستهدافها في المستقبل.
وذكر ان اخصائيي شؤون العطور يتأكدون من جودة المنتج وخضوعه ومكوناته للمعايير الموضوعة من قبل مؤسسة الجودة العربية السعودية (ساسو)، وهي الجهة الوحيدة في المنطقة التي تملك السلطة لتأكيد جودة المعايير المطبقة في انتاج العطور، وأشار الى ان شركة «عطور أجمل» هي الجهة الوحيدة التي حازت شهادة مؤسسة «ساسو» في منطقة الشرق الاوسط، حيث خولت هذه المؤسسة شركة «عطور أجمل» اصدار شهادات جودة الى جميع شركات العطور الاخرى في المنطقة، ولا يتم طرح اي عطر في المملكة العربية السعودية للاسواق قبل حيازته شهادة من عطور أجمل تثبت أنه خاضع لمعايير الجودة المنصوص عليها في مؤسسة «ساسو».
الخميس سبتمبر 17, 2009 6:01 am